الامام ابو حنيفة النعمان
فقيه الملة، عالم العراق أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطى التيمي، الكوفي، مولى بني تيم الله بن ثعلبة يقال: إنه من أبناء الفرس.
ولد سنة ثمانين في حياةصغار الصحابة، ورأى أنس بن مالك لما قدم عليهم الكوفة. ولم يثبت له حرف عن أحد منهم، وروى عن مالك بن أنس وهو أصغر منه وروى عن جعفر الصادق وعن كثير من الأعلام .
وعني بطلب الآثار، وارتحل في ذلك، وأما الفقهوالتدقيق في الرأي وغوامضه، فإليه المنتهى والناس عليه عيال في ذلك.
حدثعنه خلق كثير منهم إسماعيل بن يحيى الصيرفي، وأيوب بن هانئ، وابنه حماد بن أبي حنيفة، وشعيب بن إسحاق، والصباح بن محارب، والصلت بن الحجاج وعبد الله بن المبارك والقاضي أبو يوسف.والكثير الكثير
قال أحمد العجلي: أبو حنيفة تيمي من رهط حمزة الزيات. كان خزازا يبيع الخز.
قال محمد بن سعدالعوفي: سمعت يحيى بن معين يقول: كان أبو حنيفة ثقة لا يحدث بالحديث إلا بما يحفظه، ولا يحدث بما لا يحفظ.
وقال صالح بن محمد: سمعت يحيى بن معين يقول: كان أبوحنيفة ثقة في الحديث، هو عندنا من أهل الصدق، ولم يتهم بالكذب. ولقد ضربه ابن هبيرة على القضاء، فأبى أن يكون قاضيا.
أخبرنا ابن علان قال: قال أبو حنيفة: لما أردت طلب العلم، جعلت أتخير العلوم وأسأل عن عواقبها. فقيل: تعلم القرآن. فقلت: إذا حفظته فما يكون آخره؟ قالوا: تجلس في المسجد فيقرأ عليك الصبيان والأحداث، ثم لا يلبث أن يخرج فيهم من هو أحفظ منك أو مساويك، فتذهب رئاستك.
قلت: من طلبالعلم للرئاسة قد يفكر في هذا، وإلا فقد ثبت قول المصطفى -صلوات الله عليه- أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه يا سبحان الله ! وهل محل أفضل من المسجد؟ وهل نشر لعلم يقارب تعليم القرآن؟ كلا والله. وهل طلبة خير من الصبيان الذين لم يعملوا الذنوب؟ وأحسب هذه الحكاية موضوعة.. ففي إسنادها من ليس بثقة.
تتمة الحكاية: قال: قلت: فإن سمعت الحديث وكتبته حتى لم يكن في الدنيا أحفظ مني؟ قالوا: إذا كبرت وضعفت، حدثت واجتمع عليك هؤلاء الأحداث والصبيان. ثم لم تأمن أن تغلط، فيرموك بالكذب، فيصير عارا عليك في عقبك. فقلت: لا حاجة لي في هذا.
قلت: الآن كما جزمتبأنها حكاية مختلفة، فإن الإمام أبا حنيفة طلب الحديث وأكثر منه في سنة مائة وبعدها ولم يكن إذ ذاك يسمع الحديث الصبيان، هذا اصطلاح وجد بعد ثلاث مائة سنة، بل كان يطلبه كبار العلماء، بل لم يكن للفقهاء علم بعد القرآن سواه ولا كانت قد دونت كتب الفقه أصلا.
ثم قال: قلت: أتعلم النحو. فقلت: إذا حفظت النحو والعربية، مايكون آخر أمري؟ قالوا: تقعد معلما فأكثر رزقك ديناران إلى ثلاثة. قلت: وهذا لا عاقبة له. قلت: فإن نظرت في الشعر فلم يكن أحد أشعر مني؟ قالوا: تمدح هذا فيهب لك، أو يخلع عليك، وإن حرمك هجوته. قلت: لا حاجة فيه.
قلت: فإن نظرت في الكلام،ما يكون آخر أمره؟ قالوا: لا يسلم من نظر في الكلام من مشنعات الكلام، فيرمى بالزندقة، فيقتل، أو يسلم مذموما.
قلت: قاتل الله من وضع هذه الخرافة، وهلكان في ذلك الوقت وجد علم الكلام؟ !.
قال: قلت: فإن تعلمتُ الفقه؟ قالوا: تسأل وتفتي الناس، وتطلب للقضاء، وإن كنت شابا. قلت: ليس في العلوم شيء أنفع من هذا، فلزمت الفقه وتعلمته.
قال أحمد بن عبد الله العجلي، حدثني أبي قال: قال أبو حنيفة: قدمت البصرةفظننت أني لا أسأل عن شيء إلا أجبت فيه. فسألوني عن أشياء لم يكن عندي فيها جواب، فجعلت على نفسي ألا أفارق حمادا حتى يموت، فصحبته ثماني عشرة سنة.
شعيب بنأيوب الصريفيني، حدثنا أبو يحيى الحماني، سمعت أبا حنيفة يقول: رأيت رؤيا أفزعتني، رأيت كأني أنبش قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فأتيت البصرة، فأمرت رجلا يسأل محمد بن سيرين فسأله، فقال: هذا رجل ينبش أخبار رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
أحمد بن زهير، حدثنا سليمان بن أبي شيخ، حدثني حجر بن عبدالجبار قال: قيل للقاسم بن معن: ترضى أن تكون من غلمان أبي حنيفة؟ قال: ما جلس الناس إلى أحد أنفع من مجالسة أبي حنيفة. وقال له القاسم: تعال معي إليه، فلما جاء إليه، لزمه وقال: ما رأيت مثل هذا.
محمد بن أيوب بن الضريس، حدثنا أحمد بنالصباح، سمعت الشافعي قال: قيل لمالك: هل رأيت أبا حنيفة؟ قال: نعم. رأيت رجلا لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبا لقام بحجته.
وروى بشر بنالوليد، عن القاضي أبي يوسف قال: بينما أنا أمشي مع أبي حنيفة، إذ سمعت رجلا يقول لآخر: هذا أبو حنيفة لا ينام الليل. فقال أبو حنيفة: والله لا يتحدث عني بما لم أفعل. فكان يحيي الليل صلاة وتضرعا ودعاء.
وقد روي من وجهين: أن أبا حنيفةقرأ القرآن كله في ركعة.
وعن حماد بن أبي حنيفة قال: كان أبي جميلا، تعلوه سمرة، حسن الهيئة، كثيرالتعطر، هيوبا، لا يتكلم إلا جوابا، ولا يخوض -رحمه الله - فيما لا يعنيه.
وعن ابن المبارك قال: ما رأيت رجلا أوقر في مجلسه، ولا أحسن سمتا وحلما منأبي حنيفة.
وعن شريك قال: كان أبو حنيفة طويل الصمت، كثيرالعقل.
وقال أبو عاصم النبيل: كان أبو حنيفة يسمى الوتد لكثرة صلاته.
قال مسعر بنكدام: رأيت أبا حنيفة قرأ القرآن في ركعة.
ابن سماعة، عن محمد بن الحسن، عنالقاسم بن معن، أن أبا حنيفة قام ليلة يردد قوله تعالى: بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ويبكي ويتضرع إلى الفجر.
قال إسحاق بن إبراهيم الزهري، عن بشر بن الوليد قال: طلب المنصور أبا حنيفةفأراده على القضاء، وحلف لَيَلِيَنَّ فأبى، وحلف: إني لا أفعل. فقال الربيع الحاجب: ترى أمير المؤمنين يحلف، وأنت تحلف؟ قال: أمير المؤمنين على كفارة يمينه أقدر مني، فأمر به إلى السجن، فمات فيه ببغداد.
وقيل: دفعه أبو جعفر إلى صاحب شرطتهحميد الطوسي. فقال: يا شيخ، إن أمير المؤمنين يدفع إليَّ الرجل فيقول لي: اقتله أو اقطعه، أو اضربه، ولا أعلم بقصته، فماذا أفعل؟ فقال: هل يأمرك أمير المؤمنين بأمر قد وجب؟ أو بأمر لم يجب؟ قال: بل بما قد وجب. قال: فبادر إلى الواجب.
وعنمغيث بن يديل قال: دعا المنصور أبا حنيفة إلى القضاء فامتنع، فقال: أترغب عما نحن فيه؟ فقال: لا أصلح. قال: كذبت. قال: فقد حكم أمير المؤمنين علي أني لا أصلح، فإن كنت كاذبا، فلا أصلح، وإن كنت صادقا، فقد أخبرتكم أني لا أصلح، فحبسه. وروى نحوها إسماعيل بن أبي أويس، عن الربيع الحاجب، وفيها قال أبو حنيفة: والله ما أنا بمأمون الرضى. فكيف أكون مأمون الغضب؟ فلا أصلح لذلك. قال المنصور: كذبت. بل تصلح. فقال كيف يحل أن تولي من يكذب؟.
وقيل: إن أبا حنيفة ولي له، فقضى قضية واحدة،وبقي يومين، ثم اشتكى ستة أيام وتوفي.
وقال علي بنعاصم: لو وزن علم الإمام أبي حنيفة بعلم أهل زمانه، لرجح عليهم.
وقال حفصبن غياث: كلام أبي حنيفة في الفقه، أدق من الشعر، لا يعيبه إلا جاهل.
وقال ابن المبارك: أبو حنيفة أفقهالناس.
وقال الشافعي: الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة. قلت: الإمامة فيالفقه ودقائقه مسلمة إلى هذا الإمام. وهذا أمر لا شك فيه. وليس يصـح فـي الأذهان شيء
إذا احتاج النهار إلى دليل
وسيرته تحتمل أن تفرد فيمجلدين -رضي الله عنه، ورحمه.
توفي شهيدا مسقيا في سنة خمسين ومائة ولهسبعون سنة، وعليه قبة عظيمة ومشهد فاخر ببغداد، والله أعلم.
فقيه الملة، عالم العراق أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطى التيمي، الكوفي، مولى بني تيم الله بن ثعلبة يقال: إنه من أبناء الفرس.
ولد سنة ثمانين في حياةصغار الصحابة، ورأى أنس بن مالك لما قدم عليهم الكوفة. ولم يثبت له حرف عن أحد منهم، وروى عن مالك بن أنس وهو أصغر منه وروى عن جعفر الصادق وعن كثير من الأعلام .
وعني بطلب الآثار، وارتحل في ذلك، وأما الفقهوالتدقيق في الرأي وغوامضه، فإليه المنتهى والناس عليه عيال في ذلك.
حدثعنه خلق كثير منهم إسماعيل بن يحيى الصيرفي، وأيوب بن هانئ، وابنه حماد بن أبي حنيفة، وشعيب بن إسحاق، والصباح بن محارب، والصلت بن الحجاج وعبد الله بن المبارك والقاضي أبو يوسف.والكثير الكثير
قال أحمد العجلي: أبو حنيفة تيمي من رهط حمزة الزيات. كان خزازا يبيع الخز.
قال محمد بن سعدالعوفي: سمعت يحيى بن معين يقول: كان أبو حنيفة ثقة لا يحدث بالحديث إلا بما يحفظه، ولا يحدث بما لا يحفظ.
وقال صالح بن محمد: سمعت يحيى بن معين يقول: كان أبوحنيفة ثقة في الحديث، هو عندنا من أهل الصدق، ولم يتهم بالكذب. ولقد ضربه ابن هبيرة على القضاء، فأبى أن يكون قاضيا.
أخبرنا ابن علان قال: قال أبو حنيفة: لما أردت طلب العلم، جعلت أتخير العلوم وأسأل عن عواقبها. فقيل: تعلم القرآن. فقلت: إذا حفظته فما يكون آخره؟ قالوا: تجلس في المسجد فيقرأ عليك الصبيان والأحداث، ثم لا يلبث أن يخرج فيهم من هو أحفظ منك أو مساويك، فتذهب رئاستك.
قلت: من طلبالعلم للرئاسة قد يفكر في هذا، وإلا فقد ثبت قول المصطفى -صلوات الله عليه- أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه يا سبحان الله ! وهل محل أفضل من المسجد؟ وهل نشر لعلم يقارب تعليم القرآن؟ كلا والله. وهل طلبة خير من الصبيان الذين لم يعملوا الذنوب؟ وأحسب هذه الحكاية موضوعة.. ففي إسنادها من ليس بثقة.
تتمة الحكاية: قال: قلت: فإن سمعت الحديث وكتبته حتى لم يكن في الدنيا أحفظ مني؟ قالوا: إذا كبرت وضعفت، حدثت واجتمع عليك هؤلاء الأحداث والصبيان. ثم لم تأمن أن تغلط، فيرموك بالكذب، فيصير عارا عليك في عقبك. فقلت: لا حاجة لي في هذا.
قلت: الآن كما جزمتبأنها حكاية مختلفة، فإن الإمام أبا حنيفة طلب الحديث وأكثر منه في سنة مائة وبعدها ولم يكن إذ ذاك يسمع الحديث الصبيان، هذا اصطلاح وجد بعد ثلاث مائة سنة، بل كان يطلبه كبار العلماء، بل لم يكن للفقهاء علم بعد القرآن سواه ولا كانت قد دونت كتب الفقه أصلا.
ثم قال: قلت: أتعلم النحو. فقلت: إذا حفظت النحو والعربية، مايكون آخر أمري؟ قالوا: تقعد معلما فأكثر رزقك ديناران إلى ثلاثة. قلت: وهذا لا عاقبة له. قلت: فإن نظرت في الشعر فلم يكن أحد أشعر مني؟ قالوا: تمدح هذا فيهب لك، أو يخلع عليك، وإن حرمك هجوته. قلت: لا حاجة فيه.
قلت: فإن نظرت في الكلام،ما يكون آخر أمره؟ قالوا: لا يسلم من نظر في الكلام من مشنعات الكلام، فيرمى بالزندقة، فيقتل، أو يسلم مذموما.
قلت: قاتل الله من وضع هذه الخرافة، وهلكان في ذلك الوقت وجد علم الكلام؟ !.
قال: قلت: فإن تعلمتُ الفقه؟ قالوا: تسأل وتفتي الناس، وتطلب للقضاء، وإن كنت شابا. قلت: ليس في العلوم شيء أنفع من هذا، فلزمت الفقه وتعلمته.
قال أحمد بن عبد الله العجلي، حدثني أبي قال: قال أبو حنيفة: قدمت البصرةفظننت أني لا أسأل عن شيء إلا أجبت فيه. فسألوني عن أشياء لم يكن عندي فيها جواب، فجعلت على نفسي ألا أفارق حمادا حتى يموت، فصحبته ثماني عشرة سنة.
شعيب بنأيوب الصريفيني، حدثنا أبو يحيى الحماني، سمعت أبا حنيفة يقول: رأيت رؤيا أفزعتني، رأيت كأني أنبش قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فأتيت البصرة، فأمرت رجلا يسأل محمد بن سيرين فسأله، فقال: هذا رجل ينبش أخبار رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
أحمد بن زهير، حدثنا سليمان بن أبي شيخ، حدثني حجر بن عبدالجبار قال: قيل للقاسم بن معن: ترضى أن تكون من غلمان أبي حنيفة؟ قال: ما جلس الناس إلى أحد أنفع من مجالسة أبي حنيفة. وقال له القاسم: تعال معي إليه، فلما جاء إليه، لزمه وقال: ما رأيت مثل هذا.
محمد بن أيوب بن الضريس، حدثنا أحمد بنالصباح، سمعت الشافعي قال: قيل لمالك: هل رأيت أبا حنيفة؟ قال: نعم. رأيت رجلا لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبا لقام بحجته.
وروى بشر بنالوليد، عن القاضي أبي يوسف قال: بينما أنا أمشي مع أبي حنيفة، إذ سمعت رجلا يقول لآخر: هذا أبو حنيفة لا ينام الليل. فقال أبو حنيفة: والله لا يتحدث عني بما لم أفعل. فكان يحيي الليل صلاة وتضرعا ودعاء.
وقد روي من وجهين: أن أبا حنيفةقرأ القرآن كله في ركعة.
وعن حماد بن أبي حنيفة قال: كان أبي جميلا، تعلوه سمرة، حسن الهيئة، كثيرالتعطر، هيوبا، لا يتكلم إلا جوابا، ولا يخوض -رحمه الله - فيما لا يعنيه.
وعن ابن المبارك قال: ما رأيت رجلا أوقر في مجلسه، ولا أحسن سمتا وحلما منأبي حنيفة.
وعن شريك قال: كان أبو حنيفة طويل الصمت، كثيرالعقل.
وقال أبو عاصم النبيل: كان أبو حنيفة يسمى الوتد لكثرة صلاته.
قال مسعر بنكدام: رأيت أبا حنيفة قرأ القرآن في ركعة.
ابن سماعة، عن محمد بن الحسن، عنالقاسم بن معن، أن أبا حنيفة قام ليلة يردد قوله تعالى: بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ويبكي ويتضرع إلى الفجر.
قال إسحاق بن إبراهيم الزهري، عن بشر بن الوليد قال: طلب المنصور أبا حنيفةفأراده على القضاء، وحلف لَيَلِيَنَّ فأبى، وحلف: إني لا أفعل. فقال الربيع الحاجب: ترى أمير المؤمنين يحلف، وأنت تحلف؟ قال: أمير المؤمنين على كفارة يمينه أقدر مني، فأمر به إلى السجن، فمات فيه ببغداد.
وقيل: دفعه أبو جعفر إلى صاحب شرطتهحميد الطوسي. فقال: يا شيخ، إن أمير المؤمنين يدفع إليَّ الرجل فيقول لي: اقتله أو اقطعه، أو اضربه، ولا أعلم بقصته، فماذا أفعل؟ فقال: هل يأمرك أمير المؤمنين بأمر قد وجب؟ أو بأمر لم يجب؟ قال: بل بما قد وجب. قال: فبادر إلى الواجب.
وعنمغيث بن يديل قال: دعا المنصور أبا حنيفة إلى القضاء فامتنع، فقال: أترغب عما نحن فيه؟ فقال: لا أصلح. قال: كذبت. قال: فقد حكم أمير المؤمنين علي أني لا أصلح، فإن كنت كاذبا، فلا أصلح، وإن كنت صادقا، فقد أخبرتكم أني لا أصلح، فحبسه. وروى نحوها إسماعيل بن أبي أويس، عن الربيع الحاجب، وفيها قال أبو حنيفة: والله ما أنا بمأمون الرضى. فكيف أكون مأمون الغضب؟ فلا أصلح لذلك. قال المنصور: كذبت. بل تصلح. فقال كيف يحل أن تولي من يكذب؟.
وقيل: إن أبا حنيفة ولي له، فقضى قضية واحدة،وبقي يومين، ثم اشتكى ستة أيام وتوفي.
وقال علي بنعاصم: لو وزن علم الإمام أبي حنيفة بعلم أهل زمانه، لرجح عليهم.
وقال حفصبن غياث: كلام أبي حنيفة في الفقه، أدق من الشعر، لا يعيبه إلا جاهل.
وقال ابن المبارك: أبو حنيفة أفقهالناس.
وقال الشافعي: الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة. قلت: الإمامة فيالفقه ودقائقه مسلمة إلى هذا الإمام. وهذا أمر لا شك فيه. وليس يصـح فـي الأذهان شيء
إذا احتاج النهار إلى دليل
وسيرته تحتمل أن تفرد فيمجلدين -رضي الله عنه، ورحمه.
توفي شهيدا مسقيا في سنة خمسين ومائة ولهسبعون سنة، وعليه قبة عظيمة ومشهد فاخر ببغداد، والله أعلم.